الكثير من الأشخاص يتجاهلون التهابًا بسيطًا في الأسنان أو اللثة ظنًا أن الألم سينتهي بسرعة، لكن الواقع يقول إن الحفاظ على صحة الأسنان يتطلب متابعة فعالة. تشير الدراسات إلى أن حوالي 60% من آلام الأسنان الحادة و المبرحة تعود إلى التهابات لم تُعالج منذ مراحلها المبكرة. هذه الالتهابات تبدأ غالبًا دون أن نشعر بها، و بعد فترة قصيرة يتحول الألم إلى وجع يصعب احتماله، مما يؤدي إلى مضاعفات خطيرة تؤثر على الفم و الجسم بشكل عام.
الالتهاب بصفة عامة كلمة تحمل الكثير من معاني الألم و الانزعاج بمجرد سماعها. اليوم سوف نحاول التخفيف من حدة الشعور المرتبط بهذا المصطلح متناولين جوانب مختلفة منه.
في هذا المقال، نتعرف بشكل شامل على التهاب الاسنان، أنواعه، أعراضه، مضاعفاته، أحدث طرق علاجه، و كيفية الوقاية منه.الغرض هنا أن تكون على دراية كاملة تمامًا، فالاحتجاز في عيادة طبيب الأسنان و بدء العلاج بأسرع وقت ممكن قد ينقذك من ألم لا يُحتمل.
ما هو التهاب الاسنان؟
معني الالتهاب بصفة عامة أولاً. الالتهاب في أي منطقة من الجسم هو علامة علي وجود ضرر ما في هذه المنطقة يتم تفاعل خلايا الجسم الدفاعية حولها مما ينتج عنه بعض الالتهاب في الأعصاب المغذية لها. هذه العملية تتم بدرجة متشابهة في الأسنان.
حيث أن الأسنان في داخلها شبكة دقيقية جداً من الأوعية الدموية و العصبية و هي ما يطلق عليها لب الأسنان أو العصب و هذه المنطقة عند تعرض الأسنان لبعض الضرر كتسوس الاسنان و تناول الأطعمة السكرية أو المثلجة تنشط البكتريا في السن و تسبب أذي لخلايا عصب السن و الذي بدوره يحاول الحفاظ علي حيوية السن مما يؤدي إلي حدوث بعض الالتهابات بداخله.
التهاب الاسنان هو استجابة التهابية في أنسجة السن و اللثة و العظم المحيط بسبب دخول بكتيريا. يبدأ الألم عادةً من جذور الاسنان أو عصب الضرس، و قد يمتد إلى أجزاء أخرى من الجسم عبر الأوعية الدموية، لذلك لا يجب التقليل من شأنه. يحدث عندما تخترق البكتيريا طبقة مينا الاسنان ثم العاج، و تصل إلى لب السن أو اللثة، فتُسبب حالة مزعجة تتطلب العلاج الفوري.
إذا استمرت هذه الالتهابات دون علاج سوف ينتشر الالتهاب ليشمل أغلب خلايا العصب و قد يمتد إلي الأنسجة المحيطة بجذور السن و العظام الذي يظهر في صورة الالتهابات الصديدية و التورمات.
أنواع التهاب الاسنان
هناك أنواع كثيرة لالتهاب الأسنان و هذه الأنواع تختلف باختلاف درجة الضرر و انتشار الالتهاب في السن. هذه الأنواع بالترتيب من الأقل ضرراً للأكثر ضرراً و انتشاراً هي الأنواع الآتية:
- التهاب لب السن (عصب الضرس)عندما يصل تسوس الأسنان إلى العصب الداخلي القريب من الأوعية الدموية و النهايات العصبية، يبدأ الألم الخافق و المصحوب بحساسية تجاه الحرارة أو البرودة، و قد يصاحبه تورم و احمرار.
- التهاب دواعم السن (اللثة و العظم المحيط) يبدأ هذا النوع بتورم و انتفاخ في اللثة، يصاحبه نزيف بسيط عند تنظيف الأسنان أو استخدام خيط الأسنان، و في حالة الإهمال يمتد إلى العظام المحيطة بالسن.
- الخراج السني (تجمع صديدي) في الحالات المتقدمة، تتجمع البكتيريا و تصيب السن صديدًا ملتهبًا، مسببًا انتفاخًا مؤلمًا جدًا و قد يؤدي إلى انضغاط الأعصاب أو انتشار الالتهاب إلى أماكن بعيدة مثل الجيوب الأنفية أو حتى الجمجمة.
- التهاب عصب الأسنان القابل للعكس – Reversible Pulpitis: هذا النوع من التهاب لا يدوم طويلاً. هذا الالتهاب البسيط دليل علي أنه لم يمتد بعد ليشمل عصب السن. يصاحب هذا النوع من الالتهاب شعور ببعض الانزعاج و الحساسية في هذه المنطقة عند تناول المشروبات المثلجة و الأطعمة السكرية. يظهر هذا النوع من الالتهاب مع تسوس الأسنان البسيط و يكون علاجه يسيراً.
- التهاب عصب الأسنان الغير قابل للعكس – Irreversible Pulpitis: في هذا النوع يظهر انتشار الالتهاب في عصب الأسنان. يتميز هذا النوع من الالتهاب بالألم الشديد و الذي يستمر لفترات طويلة دون توقف و لا تساعد المسكنات الطبية في التخفيف من الألم. قد يؤثر هذا النوع من الالتهاب علي جودة نومكم و يجعل ممارسة أنشطتكم اليومية العادية صعبة. يحتاج هذا النوع الالتهابات السنية للعلاج بصورة عاجلة.
- التهاب عصب الأسنان الدائم – Chronic Pulpitis: هذا النوع من الالتهاب كامن لا يؤلم كثيراً و لكن اهماله يؤدي لتدمير عصب السن بالكامل مع الوقت و ظهور التورمات و الالتهابات الصديدية أسفل جذور الأسنان.
أسباب التهاب الاسنان
تسوس الأسنان العميق تتغلغل البكتيريا في تجاويف عميقة، و تصل إلى عصب الضرس بسرعة كبيرة، مما يجعله عرضة للالتهاب.
تشققات أو جروح في السن قد يؤدي كسر سني بسيط بسبب مضغ طعام شديد القساوة إلى فتح قناة بكتيرية تُهيّء لالتهاب لا نلاحظه إلا عند تفاقمه.
أمراض اللثة المزمنة عندما تكون اللثة و الضروس مصابة اختلالًا طويلًا، تنتشر البكتيريا إلى عظام الفك، مما يزيد احتمالية التهاب دواعم السن.
الحشوات المسربة قد تتفكك حشوة الاسنان و قد تسمح بدخول البكتيريا إلى ما تحتها، فتنبثق التهابات الأوعية الدموية في جذور السن.
الإهمال في النظافة الفموية عدم الاهتمام بتنظيف الأسنان مرتين بفرشاة الاسنان مرتين يوميًا و خيط الأسنان يجعل البكتيريا تتراكم و تسبب التهابات تتفاقم بفعل الإهمال.
أعراض التهاب الاسنان
التهاب الاسنان بصفة عامة هو شعور مزعج قد ينتهي سريعاً و قد يمتد لفترت طويلة. تختلف أعراض التهاب الأسنان حسب المرحلة التي وصل إليها الالتهاب و نوعه، و قد تبدأ العلامات بشكل خفيف و تتطور تدريجيًا إلى آلام شديدة و مضاعفات خطيرة إذا لم يتم التدخل الطبي في الوقت المناسب. فيما يلي تفصيل شامل للأعراض:
- الألم المستمر أو النابض: يُعد الألم المستمر من أبرز الأعراض. قد يكون الألم حادًا أو متوسطًا، و يشتد مع المضغ أو تناول الطعام، خصوصًا المأكولات الساخنة أو الباردة. و قد يظهر الألم في الليل أو عند الاستلقاء، مما يؤثر على النوم.
- الحساسية الشديدة: يشعر المصاب بحساسية أسنان مفرطة عند تناول المشروبات أو الأطعمة الباردة و الساخنة، و يكون هذا ناتجًا عن تآكل طبقة المينا و انكشاف العصب أو العاج.
- انتفاخ اللثة أو الوجه: عند تطور الالتهاب، قد يحدث تورم في اللثة المحيطة بالسن الملتهب، و قد يمتد التورم إلى الوجه و الخد إذا وصلت العدوى إلى جذور الأسنان أو الأنسجة المحيطة.
- احمرار و نزيف في اللثة: يشير احمرار اللثة و نزيفها المتكرر إلى وجود التهاب في دواعم السن، خاصة عند تفريش الأسنان أو استخدام الخيط.
- رائحة الفم الكريهة: ينتج عن تراكم البكتيريا و الصديد في محيط السن رائحة فم كريهة لا تزول باستخدام الغسول الفموي، و قد تكون هذه العلامة مستمرة و تزداد سوءًا مع مرور الوقت.
- صعوبة في فتح الفم أو المضغ: عندما يمتد الالتهاب إلى العضلات أو المفصل الفكي، يعاني المصاب من صعوبة في فتح الفم أو تحريكه، و أحيانًا من ألم في الفك أثناء المضغ.
- طعم مر أو مالح في الفم: يشير وجود طعم غير طبيعي إلى تسرب صديد أو سوائل التهابية من مكان الخراج داخل الفم، و قد يترافق مع شعور عام بعدم الراحة.
- تغير لون السن: قد يتحول لون السن إلى الرمادي الداكن أو البني، مما يدل على تلف العصب الداخلي، وهو علامة متقدمة تدل على أن الالتهاب وصل إلى مرحلة موت العصب.
- تورم في الغدد اللمفاوية: في بعض الحالات، خاصة إذا كانت العدوى شديدة، قد يشعر المريض بانتفاخ وألم عند لمس الغدد اللمفاوية أسفل الفك أو في الرقبة.
- الحمى والضعف العام: إذا امتدت العدوى إلى الدم، يمكن أن يصاحب التهاب الأسنان ارتفاع في درجة الحرارة، تعب عام، قشعريرة، وتعرق ليلي، وهي علامات تشير إلى وجود خراج أو بداية التهاب عام في الجسم.
مضاعفات خطيرة إن لم يعالج التهاب الاسنان
إذا تُرك التهاب الاسنان دون علاج، قد ينتشر العدوى إلى مناطق قريبة مثل عظام الفك مسببًا التهاب العظم، أو يصل إلى الجيوب الأنفية أو الدماغ مسبّبًا خراج دماغي نادر، و قد يصل إلى تعفن الدم (الإنتان) الذي يهدّد الحياة. هذه المضاعفات تُظهر أهمية التدخل الطبي المبكر قبل فوات الأوان.
كيف يتم علاج التهاب الاسنان و ما هي خطواته؟
في حال ظهور أي أعراض للالتهاب يجب سرعة التوجه إلي طبيب الاسنان المعالج حتي يتم تشخيص الالتهاب و سرعة انتشاره بمنتهي الدقة باستخدام بعض الأجهزة الدقيقة مثل جهاز قياس حيوية عصب السن، النقر علي الأسنان باستخدام الأدوات المعدنية لمعرفة تواجد التهابات في منطقة الجذور من عدمها و كذلك الأشعة السنية و التي تحدد وجود أسباب أخري للالتهاب و بعدها يقوم طبيب الاسنان بعلاج الالتهاب وفقاً لأسبابه كما يلي:
1- حالات الالتهاب القابل للعكس:
يقوم طبيب الاسنان باعطائكم بعض نقاط البنج الطبي ثم يتم إزالة تسوس الاسنان باستخدام الأدوات المخصصة لذلك و ملئ هذا التجويف بالحشوات التجميلية و أحياناً قد تحتاج عملية إزالة التسوس إلي أكثر من زيارة واحدة إذا كان التسوس عميقاً و قريباً من عصب السن فهنا يتم إزالة التسوس و وضع حشوة مؤقتة لمتابعة أعراض الالتهاب و انتشاره. يتم بعد ذلك في الزيارة التالية استبدال الحشوة المؤقتة بأخري دائمة عند التأكد من اختفاء أعراض الالتهاب تماماً.
2- حالات الالتهاب الغير قابل للعكس:
هنا الالتهاب مستمر أو في زيادة بطريقة مزعجة كما ذكرنا سابقاً و يحتاج هذا السن المتضرر إلي علاج العصب الملتهب باستخدام الأدوات الدقيقة في أكثر من زيارة واحدة مع تنظيف القنوات العصبية جيداً و حشو القنوات العصبية بمواد تحد من انتشار البكتريا و الالتهابات مرة أخري.
3- حالات الالتهابات الصديدية أسفل جذور السن:
يكون علاج عصب الاسنان في هذه الحالات صعباً و أحياناً أخري مستحيلاً في الزيارة الأولي نتيجة للألم الشديد و لكن يعمل طبيب الاسنان المتخصص بأقصي الطرق علي تقليل هذا الألم و التورم للتخلص من سبب المشكلة و هو تجمع البكتريا في عصب السن و الأنسجة المحيطة بجذور السن فيقوم إعطاءكم البنج الطبي بطريقة مخصصة لمثل تلك الحالات.
و بعدها يتم وضع مواد داخل القنوات العصبية تساعد علي تخفيف التورم و الالتهاب. يتم وصف مضاداً حيوياً للقضاء علي الالتهاب و الصديد و يجب اتباع تعليمات استخدامه بمنتهي الدقة.
في الزيارات التالية يقوم الطبيب المعالج باستكمال مراحل إزالة العصب بالكامل و حشو القنوات العصبية.
أحدث طرق علاج التهاب الاسنان
- حشوات العصب (معالجة لب السن) يقوم طبيب الأسنان بإزالة الأجزاء المُلتهبة و تنظيف قنوات الجذر و تعقيمها ثم تعبئتها، ما يحفظ السن و يوقف الالتهاب.
- المضادات الحيوية تستخدم مضادات حيوية قوية تتحرك عبر الأوعية الدموية لتقليل التورم و التخلص من البكتيريا، خاصة في حال انتشار العدوى.
- جرعات فلورايد مركزة تساعد في تقوية طبقة المينا بعد العلاج، و تزيد من مقاومة السن لكسر العدوى مستقبلاً.
- خلع السن الملتهب في الحالات التي يكون فيها الضرر شديدًا، يُلجأ إلى خلع السن لمنع انتشار العدوى و حماية الأسنان المجاورة.
- شق و تصريف الخراج إذا تجمّع الصديد، يتم شقه و تصريفه مع غسله بمحاليل مطهرة، ما يخفف الضغط فورًا.
- جراحة اللثة عند التهابات دواعم السن، يتم تنظيف الجيوب العميقة أو إجراء ترقيع للأنسجة و علاج الجذور.
- العلاج بالليزر يُستخدم الليزر لتعقيم القنوات الجذرية بدقة دون الحاجة للمخدر القوي، و يقلل النزيف و وقت الشفاء.
- العلاج بالأوزون غاز الأوزون يستخدم لتعقيم منطقة الالتهاب و قتل البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، و هو آمن وسريع.
- تقنيات تجديد العظام إذا أصيب السن بالعظم المحيط، يُستخدم المواد الحيوية أو الليزر لتحفيز نمو و تمكين إعادة بناء الدعامة العظمية.
الوقاية من التهابات الأسنان
للوقاية من التهاب الأسنان يجب عليكم الالتزام بمواعيد المتابعة الدورية لصحة أسنانكم حتي يتم الكشف عن أية أعراض أو مشاكل قد تؤدي في مراحل متقدمة إلي التهاب الأسنان و توابعه المزعجة كما يجب عليكم الاهتمام بتنظيف الأسنان يومياً لمنع التكلسات الجيرية المسببة للتسوس و أخيراً يجب عليكم الحد من الاطعمة السكرية و الشروبات الغازية و التي تساعد علي زيادة نشاط البكتريا المسببة للتسوس.
نظام وقائي يومي تنظيف الأسنان بالفرشاة مرتين يوميًا و خيط الأسنان دوريًا يمنع تراكم البكتيريا، و يفضل زيارة الطبيب كل 6 أشهر للتنظيف و الفحص.
فحوصات دورية الزيارات المنتظمة للطبيب تُتيح اكتشاف التسوس أو الجروح قبل أن تتحول إلى التهابات خطيرة تستلزم علاجات موسّعة.
الخاتمة
إذا شعرت بأي ألم خفيف أو تورم أو حساسية في الأسنان و اللثة، لا تنتظر حتى تتحول الأمور إلى حالة طارئة تحتاج إلى قلع أو جراحة. علاج التهاب الأسنان في مراحله المبكرة لا يوفر عليك المجهود و المال فحسب، بل يحافظ على صحة جسمك بشكل عام، و يفضي إلى ابتسامة صحية بدون ألم. تواصل مع طبيب الأسنان المختص فورًا، و لا تقلل من شأن أي أعراض بسيطة، فهي قد تمنع ألمًا كبيرًا لاحقًا.
ابدأ اليوم بنظافة دقيقة و الاهتمام بالزيارات الدورية، و اعلم أن الوقاية خير من العلاج. أسنانك تستحق العناية، فلا تؤخرها.