يُعد صرير الاسنان أو جز الأسنان من المشكلات الشائعة التي تصيب كثيراً من الناس، خاصة أثناء النوم، دون وعي منهم. و رغم أن الكثير قد يظن أن صريف الأسنان مشكلة بسيطة، إلا أن استمرارها يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات تؤثر بشكل مباشر على صحة الفم و الأسنان، و قد تمتد لتؤثر على المفصل الفكي، و الوجه، و جودة النوم.
في هذه المقالة، سنقدم شرحًا تفصيليًا عن الفرق بين طحن الأسنان و صرير الأسنان، وأسباب كل منهما، الأعراض، و المضاعفات، و أحدث الطرق الطبية و العلاجية للتعامل مع هذه الحالة بشكل فعّال بالتعاون مع طبيب الأسنان المختص.
الفرق بين طحن الأسنان و صرير الاسنان
من الشائع استخدام مصطلحي “طحن الأسنان” و “صرير الأسنان” بشكل متبادل، لكن من الناحية الطبية يوجد فرق بسيط بينهما.
طحن الأسنان (Bruxism): الحركات اللاإرادية:
طحن الأسنان يشير إلى الحركات اللاإرادية التي تحدث عند الضغط أو الفرك المتكرر للأسنان العلوية و السفلية ببعضها البعض. تحدث هذه الحركات عادةً أثناء النوم، و غالباً ما يكون المريض غير مدرك لما يحدث. قد يصاحب ذلك بعض الحركات العضلية في الفك أو الوجه، و يُلاحظ غالبًا في الأشخاص الذين يعانون من توتر أو اضطرابات نوم أخرى، مثل الشخير و توقف التنفس (انقطاع النفس أثناء النوم).
صرير الأسنان (Teeth Grinding): الضغط الشديد:
صرير الاسنان هو نوع من الضغط الشديد المتكرر على الأسنان، و غالبًا ما يكون مصحوبًا بصوت ملحوظ عند احتكاك الأسنان ببعضها البعض. يحدث أيضًا أثناء النوم أو في حالات التوتر الشديد، و قد يؤدي مع الوقت إلى تآكل الأسنان و تلف المفصل الفكي.
قد لا يتطلب صرير الاسنان الخفيف علاجًا. و مع ذلك، في بعض الناس، يمكن أن يكون صرير الأسنان متكررًا و شديدًا بما يكفي ليؤدي إلى اضطرابات الفك و الصداع و تلف الأسنان و مشاكل أخرى.
أسباب طحن الأسنان و صرير الأسنان
تختلف أسباب صرير الأسنان و طحنها من شخص لآخر، و يمكن تقسيمها إلى أسباب نفسية و عضوية.
1- أسباب نفسية:
التوتر و القلق: يعد القلق والتوتر من أبرز المحفزات لحالة جزّ الأسنان، خاصة عند الأشخاص الأكثر عرضة للتعب النفسي. القلق اليومي، سواء في العمل أو في العلاقات الاجتماعية، ينعكس على الجسم على شكل حركات لا إرادية كصرير الأسنان.
الضغط النفسي: التعرض المستمر لـ الضغوط النفسية اليومية يزيد من احتمالية ظهور أعراض صريف الأسنان، خصوصًا عند النوم. كثير من المرضى لا يدركون أن هذا السلوك ناتج عن ضغوط عقلية مثل القلق أو الكتمان العاطفي.
اضطرابات النوم: من العوامل الشائعة أيضًا اضطرابات النوم مثل الأرق، أو انقطاع النفس أثناء النوم، و هي حالات تؤثر على الجهاز العصبي و ترتبط بظهور صرير الأسنان أثناء الليل.
العائلة: يميل صرير الأسنان أثناء النوم إلى الحدوث في العائلات إذا كنت مصابًا بصرير الأسنان، فقد يعاني احد أفراد عائلتك أيضًا من صرير الاسنان أو لديهم تاريخ من صرير الاسنان.
2- أسباب عضوية:
سوء إطباق الأسنان: عند وجود خلل في إطباق الأسنان (malocclusion)، أي عدم تطابق الأسنان العلوية مع السفلية عند الإغلاق، فإن ذلك قد يؤدي إلى احتكاك متكرر للأسنان لتعديل الوضعية، مما يؤدي إلى صرير الأسنان.
اضطرابات المفصل الفكي: المفصل الصدغي الفكي مسؤول عن حركة الفك. و عند حدوث أي اضطراب في هذا المفصل، فإن الشخص قد يقوم دون وعي بصرير الأسنان أو طحنها لمحاولة تخفيف الانزعاج.
بعض الأدوية (مضادات الاكتئاب): بعض الأدوية النفسية مثل مضادات الاكتئاب (خاصة مثبطات السيروتونين) قد تتسبب في ظهور حالة صرير الأسنان كأثر جانبي. كما تشير بعض الدراسات إلى ارتباط صريف الأسنان بحالات عصبية مثل الصرع أو نوبات الفزع الليلي.
اضطرابات أخرى: يمكن أن يرتبط صرير الأسنان ببعض اضطرابات الصحة العقلية و الطبية، مثل مرض باركنسون، و الخرف، و اضطراب الارتداد المعدي المريئي (جيرد)، و الصرع، و الذعر الليلي، و الاضطرابات المرتبطة بالنوم مثل توقف التنفس أثناء النوم، و اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD).
أعراض طحن الأسنان و صرير الأسنان
تتنوع أعراض صرير الأسنان و طحنها و تشمل ما يلي:
- صداع متكرر عند الاستيقاظ من النوم.
- ألم أو تيبّس في عضلات الفك.
- تآكل مينا الأسنان.
- كسور دقيقة في الأسنان.
- صوت صرير واضح يُلاحظ من قبل الشريك أثناء النوم.
- حساسية في الأسنان تجاه المشروبات الباردة أو الساخنة.
- صعوبة في فتح الفم بالكامل.
- آلام في الرقبة ناتجة عن إجهاد العضلات المحيطة بالفك.
- ألم يشبه ألم الأذن، رغم أنه في الواقع لا يمثل مشكلة في أذنك.
مضاعفات طحن الأسنان و صرير الأسنان
إهمال علاج صرير الأسنان قد يؤدي إلى مضاعفات طويلة الأمد، أبرزها:
تلف مينا الأسنان:
الاحتكاك المتكرر يؤدي إلى تآكل المينا، و هي الطبقة الخارجية الواقية للأسنان، مما يجعلها أكثر عرضة لتسوس الاسنان و الحساسية.
كسور في الأسنان:
الضغط المستمر قد يتسبب في تشقق الأسنان أو انكسارها، و قد تتطلب بعض الحالات تدخلًا علاجيًا مثل تركيب تاج الأسنان أو حتى زراعة الأسنان في حال فقدان السن.
التهاب المفصل الفكي:
الصرير المستمر يمكن أن يؤدي إلى التهاب في المفصل الصدغي الفكي، مما يسبب ألمًا شديدًا و صعوبة في المضغ أو التحدث.
تغير شكل الوجه (في الحالات المزمنة):
في الحالات المزمنة، و مع استمرار صرير الأسنان الشديد، قد تحدث تغيّرات في شكل الوجه نتيجة تضخم عضلات الفك نتيجة الاستخدام الزائد.
أحدث طرق علاج طحن الأسنان و صرير الأسنان
علاج صرير الأسنان و جز الأسنان لم يعد يقتصر فقط على الحلول التقليدية، بل تطورت الأساليب لتشمل تقنيات حديثة تساعد على تقليل الأعراض، حماية الأسنان، و تحسين جودة النوم. إليك نظرة شاملة على أحدث الطرق العلاجية التي يستخدمها طبيب الأسنان اليوم:
1. واقيات الأسنان الليلية المصنوعة بتقنية حديثة:
تُعد واقيات الأسنان الليلية (Night Guards) من أكثر الحلول استخدامًا، و يتم تصميمها خصيصًا لتناسب شكل الفك لدى المريض بدقة. في الوقت الحالي، يتم استخدام تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد للحصول على:
- واقيات مريحة لا تعيق النوم
- مصنوعة من مواد طبية مقاومة للتآكل
- خفيفة الوزن و لا تسبب التهاباً في اللثة
- تساعد على تقليل الاحتكاك و الضغط الناتج عن طحن الأسنان أثناء النوم
2. حقن البوتوكس لتقليل التشنجات العضلية:
في الحالات الشديدة من الصرير الليلي أو التشنج المزمن لعضلات الفك، قد يوصي الطبيب باستخدام حقن البوتوكس في عضلات الفك (العضلة الماضغة تحديدًا). آلية العمل:
- يُضعف البوتوكس العضلة المسؤولة عن الضغط المفرط.
- يقلل من جز على الأسنان دون التأثير على الوظائف الطبيعية للفك.
- يخفف آلام المفصل الصدغي الناتجة عن التشنجات و يُستخدم هذا العلاج بشكل مؤقت و يُعاد الحقن كل 3–6 أشهر حسب الحالة.
3. العلاج المعرفي السلوكي (CBT):
يُعتبر العلاج المعرفي السلوكي من الطرق الفعالة خصوصًا إذا كانت أسباب صرير الأسنان نفسية أو ناتجة عن القلق و التوتر. يهدف إلى:
- تدريب المريض على التعامل مع التوتر و الضغط العصبي.
- تعديل الاستجابات النفسية و السلوكية المرتبطة بجز الأسنان دون وعي.
- تقنيات التنفس العميق، التأمل، و تمارين الاسترخاء.
- هذه الطرق تقلل من التوتر، مما يقلل من حدة الصرير أثناء النوم.
4. تمارين الفك و استرخاء العضلات:
من التقنيات غير الدوائية التي ينصح بها أطباء الأسنان:
- تمارين فتح و إغلاق الفك بلطف.
- تدليك عضلات الوجه و الفكين.
- تطبيق الكمادات الدافئة على مفصل الفك لتخفيف التشنجات، تفيد هذه التمارين في حالات صرير الأسنان المزمن و تُستخدم مع باقي العلاجات.
5. تعديل وضعية النوم:
النوم على الظهر قد يزيد من احتمالية صرير الأسنان أثناء النوم. ينصح الأطباء بتغيير وضعية النوم إلى الجانب و استخدام وسادة تدعم الرقبة، مما يخفف من الضغط على عضلات الفك.
كما يُفضل تجنب النوم في بيئة بها ضوء أو ضوضاء، لتحسين نوعية النوم و تقليل اضطراباته مثل انقطاع النفس.
6. استخدام مرخيات العضلات:
في بعض الحالات، خاصة عند وجود تشنجات شديدة، قد يصف طبيب الأسنان أدوية مرخية للعضلات تؤخذ قبل النوم.
يتم استخدامها لفترة قصيرة و تحت إشراف طبي فقط، و تساعد على تقليل الانقباضات اللاإرادية للأسنان أثناء النوم.
7. العلاج الدوائي للمسببات النفسية:
عندما يكون السبب نفسيًا مثل القلق أو الاكتئاب، قد يكون من الضروري التدخل النفسي أو الدوائي:
- مضادات الاكتئاب أو مضادات القلق (بوصفة طبية فقط).
- علاج الأرق و اضطرابات النوم المصاحبة مثل الصرع أو الفزع الليلي.
8. تعديل الإطباق و علاجات المفصل الفكي:
إذا كان السبب عضويًا مثل سوء الإطباق أو وجود مشكلة في المفصل الصدغي الفكي، فإن الحل قد يشمل:
- إعادة بناء الإطباق بتعديل ارتفاع الأسنان أو تركيب تيجان الاسنان.
- علاج المفصل الفكي باستخدام أجهزة خاصة أو جلسات علاج طبيعي.
- في بعض الحالات، قد يتم اللجوء إلى تدخل جراحي بسيط لتحسين حركة الفك.
الخاتمة
صرير الأسنان ليس مجرد عادة مزعجة أثناء النوم، بل قد يكون مؤشرًا على وجود خلل عضوي أو نفسي يحتاج إلى علاج فوري. لا تنتظر حتى تتفاقم المشكلة. إذا لاحظت أعراضًا مثل تآكل الأسنان أو الألم في الفك، فإن زيارة طبيب الأسنان هي الخطوة الأولى نحو العلاج.
استعد ابتسامتك بثقة… ابدأ أولى خطواتك معنا في مركز وندرز لعلاج الأسنان. احجز استشارتك الآن.







